الطير المهاجر باللغة الإنجليزية، قريبا

_________________

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

مكسب العلاقات الإجتماعية

أعجبني مقال للأستاذ أحمد بن سالم الفلاحي كان قد نشر في العربية.نت بتاريخ 15 سبتمبر 2009. وددت أن أطرح همساته في هذا الفضاء ليزيد اتساعا.. فشكرا يا أحمد
________

"في كثير من أنشطة الحياة اليومية تقوم العلاقة بين طرفي المعادلة على مبدأ الربح والخسارة، وهي بذلك لا تخرج عن قانون الكون الذي أوجده الله تعالى في هذه الحياة، فلكل جهد تقابله مكافأة، «إن تجتهد تنجح»، «إن تؤمن تدخل الجنة»، «إن تجتنب النواهي تفز بالجنة»، «أن تعمل تحصل على اجر عملك»، «إن تعامل الناس معاملة حسنة، تكسب ود الناس»، «إن تسيء إلى الناس، يسيء إليك الناس». هذه الصورة المتكافئة هي التي تجعل الآخرين يقومون بالأعمال عن رضى خاطر، ويجهدون أنفسهم أحيانا نزولا عند حصول الأجر المكافئ، ولا خطورة في هذه الصورة الاجتماعية المتوارثة عبر الأجيال، ومن يدقق أكثر يجد أن الكثير من هذا الأجر، هو مقابل معنوي، وليس ماديا بصورة مباشرة، وهذا الإيمان بهذا المعنوي يحتاج إلى يقين كبير ليس من اليسير هضمه في النفس البشرية التي تتجاذبها دائما النوازع الذاتية، وكلها نوازع مادية بحتة.

من هنا تأتي العلاقات الاجتماعية لتؤسس منطلقات مهمة في علاقات الناس بعضهم ببعض، وهي علاقات لن تقوم دائما على مبدأ التكافؤ المادي البغيض، ولذلك يخسر الناس الكثير من مساحات هذه العلاقات عندما يؤسسوها على مبدأ التكافؤ المادي السريع، لانتفائه هنا في هذا النوع من العلاقات على وجه الخصوص. لذلك يعول كثيرا على مفهوم الصديق ودوره في تجسيد روابط الصداقة، وقد يصل هذا النوع من العلاقات إلى مستوى الخصوصيات لدى الطرفين، ولكن من هو القادر على جعل خصوصية من يتعامل معهم كخصوصياته هنا يظهر معدن الطرف الآخر في قدرته على فهم، واستيعاب هذه العلاقة بينه وبين الطرف الآخر.

هناك الكثير ممن يشتكون من سؤ العلاقات التي قدر لها أن تقوم بينهم وبين آخرين، والسبب في تنامي هذه الشكوى أن أحد طرفي العلاقة لم يستوعب حقيقة هذه العلاقة القائمة بينهما، حيث يفكر الآخر في الكسب المادي السريع منها، بينما ينظر الآخر إلى الكسب المعنوي الآجل، والذي ليس شرطا أن يتحقق في المسافة الزمنية التي تتأجج فيها العلاقة، ولكن قد تأتي نتائجها بعد فترة طويلة، قد يلمس أثرها أبناؤهما، وهناك من يحتسبها عند الله تعالى، الذي توزن عنده الموازين، فتأتي الأنصبة عادلة صادقة.



إن الذين يراهنون على تحقيق مصالح مادية سريعة في مفهوم العلاقات الاجتماعية بينهم وبين الآخرين من حولهم؛ فرهانهم خاسر، وان استمروا، ففي كثير من هذه العلاقات يمكن أن يلمس احد الطرفين مكاسب معقولة، إلا في العلاقات الاجتماعية القائمة بين الأصدقاء، وفي بعض علاقات القربى، ولذلك فمن فرط المعرفة والإيمان بهذه الرؤية ترى في محيط الحياة الشاسع أن هناك أناساً يتشبثون بآخرين بصورة تبحث على التساؤل ويظلون على ذلك طوال العمر، وفي المقابل ترى صرعى العلاقات التي لا تستمر إلا بزمن تحقيق الغاية منها، ومتى تحققت يكون كل طرف في حل من علاقة الطرف الآخر.

هناك من «يجفل» من أول صدمة من اثر تصدع علاقة ما، وهؤلاء أغلبهم من فئة الشباب، ذلك أن الخبرة الحياتية لم تتح لهم مساحة التأمل في هذا الجانب، أما الذين خبروا الحياة يدركون مثل هذا التصدع، ويرون فيه ظاهرة صحية، لأنه لا يجوز – عرفا – أن أقيم علاقة مع شخص، وأرى فيه مقدار حرصه على مسالة الكسب المادي من هذه العلاقة، أكثر من حرصه على بناء علاقة نظيفة لا تسمو إلا إلى رضا الله سبحانه وتعالى.

ولذلك أرى من وجهة نظر شخصية أن المراجعة المستمرة في مسالة العلاقات مهمة، وأنا هناك أركز على العلاقات المباشرة التي تقوم بين الأفراد، وليس على العلاقات الوسيطة كعلاقات العمل، والمصالح المشتركة الأخرى، كالشراكة في الأنشطة المختلفة.

ليست هناك تعليقات: