الطير المهاجر باللغة الإنجليزية، قريبا

_________________

السبت، 19 سبتمبر 2009

إنطفاء المتوقدين

"حين لقيته أول مرة كان يملأ المجلس حيوية وتوهجاً ، ويشد الأنظار إليه بنشاطه المتوثب ، وروحه المرحة ، وحماسه لكل ما يسند إليه ، وقد كانت أفكاره رائعة ، كان يؤمن بالتجديد والإبداع ، ويتحدث عن الفرص العظيمة في الحياة ، في ذلك اللقاء أحسست أن شاباً يتكون الآن لصناعة مستقبل الإسلام والدعوة ، واقتبست من حماسه حماساً ، فوجدتني أسترسل في الحديث عن موضوعاته ، وأهتم بسؤالاته ، وأزمع أن يدوم الوصل بيننا .حالت بيني وبينه الحوائل ولم أعد أسمع له حساً ، لقد انطفأ ! وكثيرون "هم كذلك .

هكذا بدأ الشيخ الدكتور سلمان العوده مقالته الشيقة التي عنونها بالمنطفئين. ولكني أحببت أن أطلق عليها اسما يدلل على أن المنطفئين كانوا أصلا قبل انطفائهم متوقدين.

أترككم مع بقية المقال



يبدؤون مندفعين مشرقين ، ثم تعترضهم العقبات ، أو لا تساعدهم الملكات ، أو تخور نفوسهم ، ليتباطأ مشيهم ، ثم يتوقف ، ثم يتراجع .


تذكرت كلمة إبراهام لنكولن " أنا أمشي ببطء ، ولكن لم يحدث أبدا أنني مشيت خطوة واحدة للوراء ..


قد تسمع باسم داعية في بلد ، أو تقرأ له كتاباً ، فترى رمزاً قادماً ، ثم يطول انتظارك ولا يجيء ، هنا تسأل ما السبب ؟!

وقد كُتب لي أن أتعرف إلى ثلة من المؤثرين ، سواءً كانوا علماء في الشريعة ، أو كانوا مربين في الميدان ، أو أدباء ومثقفين ، أو قادة اجتماعيين ، ممن ظلوا يقدمون ويبذلون ، واستمر حضورهم وتأثيرهم ، فبدا لي أن أهم الأسباب وراء إشراقهم الدائم يعود إلى :

أولاً : الهمة العالية ، والتي هي نوع من الطموح ، مصحوباً بالصبر والتطلع والإصرار ، أو كما سماه عمر بن عبد العزيز " التوق " ، فكان يقول : إن لي نفساً تواقة, تاقت إلى فاطمة بنت عبد الملك, فتزوجتها، وتاقت إلى الإمارة فوليتها، وتاقت إلى الخلافة فأدركتها، وقد تاقت إلى الجنة؛ فأرجو أن أدركها إن شاء الله عز وجل.

الهمة جزء من البناء النفسي الفطري تعززها التربية ، والقراءة الصحيحة للقدرات والظروف المحيطة ، ولبابها التوازن بين المأمول والممكن ..

ثانياً : التكيف ، أي : القدرة على معايشة الظروف المستعصية ، وحماية النفس من الإحباط واليأس ، والتعامل مع الطرق المسدودة والفرص الهاربة ، والأجواء الخانقة ، وعدم الجمود على رؤية ضيقة ، أو تجربة محدودة ، حين تجد الطريق مغلقاً لا تقعد ، ابحث عن طرق أخرى ، ولا تعوّد نفسك اتهام الزمان ، وسب الدهر ، ابحث عن يمينك وشمالك ، ستجد أبواباً تقول : " هيت لك " ، فلتكن شجاعاً جريئاً تقتحم العقبة ، وتحاول :

إنَّ الأمـورَ إذا انسدت مسالكها * فالصبرُ يفتحُ منها كلَّ ما ارتججا
لا تـيـأسن وإن طالت مطالبةٌ *  إذا استعنت بصبرٍ أن ترى فرجا
أخلق بذي الصبرِ أن يحظى بحاجتهِ * ومـدمنِ القرعِ للأبوابِ أن يلجا

من التكيف أن تتعود النفس على التعامل مع الحر والبرد ، والنور والظلام ، والكثرة والقلة ، بل وحتى النجاح والإخفاق ، بحيث لا نعتبر الإخفاق حتماً لازماً لا مهرب منه ، كما قيل :

يَـصونونَ أَجساداً قَديماً نَعيمُها  * بِخالِصَةِ الأَردانِ خُضرِ المَناكِبِ 
ِ وَلا يَحسَبونَ الخَيرَ لا شَرَّ بَعدَه  * وَلا يَحسِبونَ الشَرَّ ضَربَةَ لازِب


الذم على التلاعب أو المراوغة أو الخداع باسم التفقه ، أو باسم السياسة ، أو باسم الفكر . لا ترسم في رأسك صورة تريد تحقيقها بحذافيرها فذلك هو المستحيل .

 

ثالثاً : التجدد ، أي : تطوير الذات ، فكراً وسلوكاً ، واقتباس الحكمة من مظانها ، أن تقرأ العين ، وتصيخ الأذن ، ويتأمل العقل ، أن يكون المرء " نهماً " ، ما أجمل النهم إلى المعرفة الجديدة ، وفي الأثر" مَنْهُومَانِ لاَ يَشْبَعَانِ : طَالِبُ عِلْمٍ وَطَالِبُ دُنْيَا " رواه الطبراني والبزار والدارمي , , وقد جاء مرفوعاً ولا يصح .

حتى وأنت في الثمانين لا تستكثر على نفسك أن تحصل على معرفة جديدة في موضوع طالما عالجته ، وربما من مصدر ما كنت تظن أنك تظفر بها منه ، هذه الروح المتطلعة المتواضعة هي روح المتزود بالوقود الدائم ، للفكر والحياة ، لئلا تصبح شريطاً يكرر نفسه ، لتكن كالشمس كل يوم لها أفق جديد ، هي هي لم تتحول إلى كوكب آخر ، ولكن سنة الخلق تقضي تنقلها بين المشارق والمغارب ، كما أقسم بها جل وتعالى .

رابعاً : العمر ، فمن ينسأ الله له في أثره يبارك فيه إن كان صاحب همة وتجدد وتكيف ، فتحنكه التجربة ، وتؤدبه الأيام ، ويتجاوز شرّة الشباب واندفاعه ، وتُحكِمه المواقف ، وبهذا يحدث له تراكم في العلم والمعرفة والمحبة عند الصالحين ، والسابقة في الخير ، وحسن الأحدوثة ، ويتجاوز العثرات العابرة ، ويحلق فوق الشاتمين والشامتين ، خاصة وقد تدارك أقرانه ، وأصبح وحيداً ، أو كما يقول (طرفة بن العبد) :

إِلى أَن تَحامَتني العَشيرَةُ كُلُّها *  وَأُفـرِدتُ إِفرادَ البَعيرِ المُعَبَّدِ

وإن لم يكن وحيداً ، ففي نفر قليل من الأقران ، لأن زملاء الأمس أصبحوا ما بين دفين في " الثرى " أو دفين في " الثراء " أو مسْتَخْف فتر عن المحاولة ، وانطوى على نفسه .أظن أن التكيف فرع عن الصبر وليس رديفاً له ، ولا نقيضاً كما قد يُظن .. فالصبر لا يعني الانتظار فحسب ، بل يعني البحث عن " حيلة " عن " مخرج " .. ليست الحيلة مذمومة بذاتها ، فهي من التحوّل ، ومن السنة أن تقول " لا حول ولا قوة إلا بالله " .


هكذا أيها السالك ، يتردد النظر عن البداية المحرقة ، والنهاية المشرقة ، ويقول السلف : " العبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية " ، أولئك الذين يبدؤون وهم يحسون بالكمال سرعان ما ينطفئون .. لأنهم وصلوا قبل أن يبدؤوا الطريق !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

مكسب العلاقات الإجتماعية

أعجبني مقال للأستاذ أحمد بن سالم الفلاحي كان قد نشر في العربية.نت بتاريخ 15 سبتمبر 2009. وددت أن أطرح همساته في هذا الفضاء ليزيد اتساعا.. فشكرا يا أحمد
________

"في كثير من أنشطة الحياة اليومية تقوم العلاقة بين طرفي المعادلة على مبدأ الربح والخسارة، وهي بذلك لا تخرج عن قانون الكون الذي أوجده الله تعالى في هذه الحياة، فلكل جهد تقابله مكافأة، «إن تجتهد تنجح»، «إن تؤمن تدخل الجنة»، «إن تجتنب النواهي تفز بالجنة»، «أن تعمل تحصل على اجر عملك»، «إن تعامل الناس معاملة حسنة، تكسب ود الناس»، «إن تسيء إلى الناس، يسيء إليك الناس». هذه الصورة المتكافئة هي التي تجعل الآخرين يقومون بالأعمال عن رضى خاطر، ويجهدون أنفسهم أحيانا نزولا عند حصول الأجر المكافئ، ولا خطورة في هذه الصورة الاجتماعية المتوارثة عبر الأجيال، ومن يدقق أكثر يجد أن الكثير من هذا الأجر، هو مقابل معنوي، وليس ماديا بصورة مباشرة، وهذا الإيمان بهذا المعنوي يحتاج إلى يقين كبير ليس من اليسير هضمه في النفس البشرية التي تتجاذبها دائما النوازع الذاتية، وكلها نوازع مادية بحتة.

من هنا تأتي العلاقات الاجتماعية لتؤسس منطلقات مهمة في علاقات الناس بعضهم ببعض، وهي علاقات لن تقوم دائما على مبدأ التكافؤ المادي البغيض، ولذلك يخسر الناس الكثير من مساحات هذه العلاقات عندما يؤسسوها على مبدأ التكافؤ المادي السريع، لانتفائه هنا في هذا النوع من العلاقات على وجه الخصوص. لذلك يعول كثيرا على مفهوم الصديق ودوره في تجسيد روابط الصداقة، وقد يصل هذا النوع من العلاقات إلى مستوى الخصوصيات لدى الطرفين، ولكن من هو القادر على جعل خصوصية من يتعامل معهم كخصوصياته هنا يظهر معدن الطرف الآخر في قدرته على فهم، واستيعاب هذه العلاقة بينه وبين الطرف الآخر.

هناك الكثير ممن يشتكون من سؤ العلاقات التي قدر لها أن تقوم بينهم وبين آخرين، والسبب في تنامي هذه الشكوى أن أحد طرفي العلاقة لم يستوعب حقيقة هذه العلاقة القائمة بينهما، حيث يفكر الآخر في الكسب المادي السريع منها، بينما ينظر الآخر إلى الكسب المعنوي الآجل، والذي ليس شرطا أن يتحقق في المسافة الزمنية التي تتأجج فيها العلاقة، ولكن قد تأتي نتائجها بعد فترة طويلة، قد يلمس أثرها أبناؤهما، وهناك من يحتسبها عند الله تعالى، الذي توزن عنده الموازين، فتأتي الأنصبة عادلة صادقة.



إن الذين يراهنون على تحقيق مصالح مادية سريعة في مفهوم العلاقات الاجتماعية بينهم وبين الآخرين من حولهم؛ فرهانهم خاسر، وان استمروا، ففي كثير من هذه العلاقات يمكن أن يلمس احد الطرفين مكاسب معقولة، إلا في العلاقات الاجتماعية القائمة بين الأصدقاء، وفي بعض علاقات القربى، ولذلك فمن فرط المعرفة والإيمان بهذه الرؤية ترى في محيط الحياة الشاسع أن هناك أناساً يتشبثون بآخرين بصورة تبحث على التساؤل ويظلون على ذلك طوال العمر، وفي المقابل ترى صرعى العلاقات التي لا تستمر إلا بزمن تحقيق الغاية منها، ومتى تحققت يكون كل طرف في حل من علاقة الطرف الآخر.

هناك من «يجفل» من أول صدمة من اثر تصدع علاقة ما، وهؤلاء أغلبهم من فئة الشباب، ذلك أن الخبرة الحياتية لم تتح لهم مساحة التأمل في هذا الجانب، أما الذين خبروا الحياة يدركون مثل هذا التصدع، ويرون فيه ظاهرة صحية، لأنه لا يجوز – عرفا – أن أقيم علاقة مع شخص، وأرى فيه مقدار حرصه على مسالة الكسب المادي من هذه العلاقة، أكثر من حرصه على بناء علاقة نظيفة لا تسمو إلا إلى رضا الله سبحانه وتعالى.

ولذلك أرى من وجهة نظر شخصية أن المراجعة المستمرة في مسالة العلاقات مهمة، وأنا هناك أركز على العلاقات المباشرة التي تقوم بين الأفراد، وليس على العلاقات الوسيطة كعلاقات العمل، والمصالح المشتركة الأخرى، كالشراكة في الأنشطة المختلفة.

السبت، 12 سبتمبر 2009

المهم هو التعليم...!!

نشرت جريدة عمان (إضغط هنا) مقالا بعنوان: حول ضرورة إنشاء جامعات حكومية جديدة للدكتور عبدالله الحراصي، وقد لامس هذا المقال الكثير من قلوب قبل أقلام المهتمين بهذا الشأن فراح بعضهم يسرد حكايا جرحا قام الدكتور عبدالله بحكه فنـزف (إضغط 1، 2، 3، 4). فشكرا يا دكتور عبدالله على تجديد الجرح وشكرا لمن نزفوا، وأقول:

بالرجوع إلى تاريخ التعليم في البلاد العربية يتبين انه لم يكن محصورا بمؤسسات الدولة، وأن المؤسسات الدينية والأهلية والخاصة بل الأجنبية في بعض الدول كانت تتولى مهماته وتمارسه في الكتاتيب والمدارس والجوامع وسواها، وأن هذه المؤسسات وصلاحياتها قد تقلصت مع تولي الدولة مهمات التعليم، وافتتاح المدارس الحديثة وتوفيرها التعليم المجاني في جميع مراحل التعليم. غير أن هذا الوضع بدأ يعود كما كان مع ازدياد الإقبال على التعليم وتصاعد التوسع فيه وفي مستلزماته، ووصول متطلباته من الإنفاق والأعباء إلى أصبحت الجامعات تشكل عبأ على خطط الحكومات فأخذت تبحث عن سبل الدعم والمساندة، وكان التعليم غير الحكومي السند الأكثر قبولا وانتشارا.

وبالعودة إلى معركة التعليم العالي الخاص في البلاد فإن الجانب البارز في معركة تعليم ما بعد الثانوية هذه الأيام هو إرتفاع نسبة القبول في الجامعة الوحيدة من جهة، والعدد المحدود من المقبولين و كذلك رسوم الجامعات الخاصة التي باتت تشكل عبأ كبيرا على كاهل أولياء أمور منتسبيها. وأشك أن هناك رقابة على (تسعيرة) التعليم الخاص من الجهة المعنية.
 إتخذت الحكومة منحى آخر وهو التعليم التطبيقي فبدأت بما يسمى بالبرنامج الوطني للتأهيل الوظيفي (NVQ) في عام 1996. طلبت الحكومة من القطاع الخاص توظيف نسبة معينة من العمانيين. وللأسف لم يتم تحديد الدرجات، فأصبح العامل والسائق والمراسل أوفر حظا من حملة الـ (NVQ)بعد أن يوقعوا على نفسهم تعهد بعدم المطالبة بوظيفة في حال تم إرسالهم للحصول على هذا النوع من التدريب (حسبما كان يقتضي النظام).


هذا الإتجاه جاء نتيجة الإعتقاد أن لدينا إكتفاء في من حملة البكالوريوس ونظرا لمتطلبات سوق العمل بات من الأفضل (كما كان الإعتقاد) الحصول على خريجي الدبلومات التطبيقية للحصول على عدد من الحرفيين. ومن هنا إتسعت رقعة التعليم العالي الخاص لإستغلال هذا الإتجاه. ولكن تلك الجانعات الخاصة لم تخرج حرفيين. ولذلك كان العاقبة كالتالي كنتيجة مهمة، إيجابية (من وجهة نظر الحكومة) وسلبية (على المدى البعيد). الإيجابية هي أن هؤلاء الخريجين من حملة الدبلوم سيحصلون على الدرجة المالية الثالثة (في النظام السابق) ما يقلل ميزانية الدولة في حال توظف الخريج في القطاع العام. أما إذا التحق في بالقطاع الخاص فهذا هدف منشود. أما النتيجة السلبية فهي أن سوق العمل لم يستوعب الخريجين من ناحية ما حدا ببعض حملة دبلومات التقنية (الفنية الصناعية) آنذاك من الإنضمام كمستجدين وليس كضباط إلى السلك العسكري (الجيش أو الشرطة).


فهل كان هناك تنسيق معد وواضح الإحصائيات بين الحكومة والقطاع الخاص في متطلبات سوق العمل. إن التعليم العالي الخاص يقدم خدمات مهمة للمجتمع ولذلك شجعت الدولة الاستثمار فيه والارتقاء بخدماته وقدمت له التسهيلات العديدة، ولكن لابد من الانتقال من مرحلة التأسيس إلى مرحلة التنظيم على أسس الجودة والاعتمادية. فقد زاد عدد الجامعات الخاصة وزادت أرصدتها وفي المقابل ونتيجة لما سبق أصبحت الجامعة الحكومية الوحيدة أشبه ببيت الأشباح (وأعذروني على التعبير).

لا يقع اللوم كله على الحكومة فحسب، بل على الطلبة أنفسهم . فطالب الثانوي يختار عادة بين علمي أو أدبي (لا أعتقد أن هناك تجاري أو صناعي منذ فترة أليس كذلك؟). والإختيار عادة ما ينتج عن سؤال الأهل أو الأقارب أو الأصدقاء دون الإلتفات إلى القدرات والطموح. وذلك لان المنهج عموما لا يؤهل الطالب للمرحلة الجامعية. لا يعرف طالب الثانوية شيئا عن الساعات المعتمدة، أو المعدل التراكمي أو عدد الوحدات العلمية أو هكذا سنن حتى يدخل الجامعة وهذه (أراها) مشكلة في حد ذاتها.


أعرف شخصا فطنا حصل على نسبة 96 % في سنة 1999 أو 2000 على ما أذكر فذهب إلى إحدى كليات التربية (المعلمين آنذاك) فقط لأن فرصة توظيف خريجي كلية المعلمين كانت أكبر من خريجي كلية التربية بالجامعة ناهيك عن أنه كان قد سمع ممن قبله أنه إذا ذهب ليدرس في غير منطقته، فإن فرصته للتدريس بعد التخرج في بلدتة أكبر وكان هذا مبتغى العموم في تلك الفترة الراكدة.

إن نظرتنا دائما سطحية أو بالأحرى قصيرة المدى. لا أدري أهي بسبب العادات التى جرت بأن يتقوقع الشخص على نفسه وذويه ليشتري سيارة ويتزوج فور مباشرة عمله؟ أم أن هؤلاء لديهم حدس قوي وشعروا بالنكسة الإقتصادية قبل وقوعها والآن يحمدون الله على أنهم قرروا ما قرروه.


نعم أضم صوتي إليك يا د. عبدالله بضرورة وجود جامعات حكومية جديدة ليس فقط للعمانيين فحسب، بل للمقيمين أيضا. إذا تعذر التعليم المجاني فليكن بمبالغ رمزية. كذلك بالنسبة للمقيمين بفتح باب الدراسات العليا لمن يرغب (بمقابل طبعا) للجميع مع الإحتفاظ بالمستوى الأكاديمي المعتمد. وبذلك فإن الجامعات الحكومية ستسوق وتدعم نفسها دون اللجوء الكامل إلى ميزانية الدولة فقط إذا طبقت شيئا من النظريات الإدارية والإقتصادية التي ستدرسها للطلبة. شكرا مرة أخرى على الجرح يا دكتور.

ودمتم سالمين

الخميس، 10 سبتمبر 2009

طاقات معطلة !!

دار يوماً نقاش بيني وبين بعض الأخوة حول أهمية إظهار واستخدام كل فردٍ مكنون الطاقة والموهبة التي لديه لينفع بها نفسه أولا ثم مجتمعه فوطنه فالأمة، وكان الإختلاف في وجهات النظر يحوم حول أي الأساليب أو المناهج أفضل على الفرد أن ينهج لاستخدام طاقاته. فكان رأي البعض على أنه يجب على كل فرد أن يُخرج طاقته ويستثمرها دون أن ينتظر مساعدة من أحد. على المرء أن يستغني عن الناس قدر المستطاع. ولكن هناك من يرد على ذلك بالقول أن هذا المبدأ قد ينافي مبدأ "روح الفريق".



إن النظر إلى الموضوع بهذه البساطة قد يزيد الفرقة بين الأفراد، فارتأينا الخوض في نقاش مرتب. إن الأصل في الدين أن تكون الأمة مجتمعة ومتآلفة ومتعاونة ومتكاتفة، ويساعد بعضها بعضاً. وبطبيعة الحال فإن الطاقات والمواهب والاستعدادات والإمكانات متفاوتة بين الأفراد. إذاً لابد من أن يحتاج كلُّ إلى الآخر، وهذه حكمة إلهية، حيث يقول الله جل وعلا في كتابه الكريم "ورفعنا بعضُهُمْ فوق بعضٍ درجـٰتٍ لِّيتَّخِذَ بعضُهُم بعضاً سُخْرِيّاً.." (الزخرف: 32). ونظرا لتنوع الأدوار المطلوبة للتكامل الحياتي والخلافة الإنسانية في الأرض نجد ضرورة لوجود هذا التفاوت (في الأداء والقدرات) بين البشر. فمنا من آتاه الله علماً أو عقلاً راجحاً، وآخرمالاً، والبعض قوة في البدن، وهكذا، ولولا ذلك لما استقامت الحياة.

وبطبيعة الحال، الاستغناء المطلق عن الناس أمر مستحيل، إلا إذا كان إستغناءا في الأمور الشخصية والفردية من أمور الحياة والتي تكون ضمن وسع المرء وطاقته وبمقدوره إنجازها دون مساعدة من أحد. فطلب العون في مثل هذه الأمور لا يكون عادة إلا من باب الإستغلال أو الكسل أو التواكل أو الرضا بالمرتبة الدنيا. ولكن الأمر مختلف بالنسبة للقضايا المجتمعية، فاستغناء المرء هنا عن غيره والاكتفاء بالعمل الفردي أمر غير مقبول، لأن العمل للنهوض بأمور الأمة يحتاج إلى تكاتف الجهود واستثمار المواهب والطاقات والاستعدادات والإمكانات، وينصب هذا كله في تكامل الأدوار؛ وبذلك يتم إستثمار الجهود والطاقات بفعّالية أكبر وبوقت وجهد أقل.

وأود أن أضرب مثالا لما أقول حتى تتضح الصورة أكثر؛ فلو أن شخصا كانت طاقته في عقله، وكانت موهبته في قدرته على إعطاء أفكار متميزة سواءا لمشروع أو تشريع أو غيره. ولديه أيضاً القدرة على التخطيط، ولكنه في المقابل يفتقر إلى مهارات معينة سواءا إداريه أو تقنية أو إتصالاتية أو غيرها ربما تكون مطلوبة لتكملة هذا المجسم، ولكن هذا الزيد لا يمتلك المال اللازم لتطبيق هذه الأفكار، إذن سيصبح زيدنا هذا عبارة عن طاقة معطلة.

ولذلك من الحكمة أن نيسّر له السبيل، وإن لم نصل إلى ذلك الحد من التفاؤل، فلنجمعه مع أصحاب الطاقات والمواهب المكمِّلة لطاقته واللازمة لتطبيق ما لديه من أفكار يستفيد منها الوطن والمواطن. وليس من المنطق أن نلزمه مثلاً بجمع المال، أوأخذ دورات ليجيد الإعداد أوالتسويق أو غيره ، لأن في هذا مضيعة للوقت والجهد، وتجاهل للطاقات الأخرى التي ربما يبحث أصحابها عمن يساعدهم في استثمارها الإستثمار الأمثل.

وبذلك يمكن أن تجتمع وتتكامل الطاقات والإمكانات وتتوزع الأدوار وهذا ما يجعل المجتمع مجتمعا.وما من إنسان إلا و لديه موهبة وطاقة ودور يقوم به، مهما صغر هذا الدور ؛ فهذا بالأفكار، وهذا بالتخطيط، وهذا بالمال، وآخر بالنشاط البدني أو الإجتماعي أوالعلاقات العامة، وذاك بالعدة وغيره بالعتاد. هذا كله لعمل واحد، فكيف بها إذا أجتمعت وتكاملت في الوطن الواحد، ؛ بين مختلف المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية خدمية كانت أم تجارية أو صناعية، أو حتى خيرية. جميعها يمكن أن نطلق عليها "مشاريع نهضوية".

أخبرني أحد الأصدقاء العصاميين أنه حصل على وكالة تمثيل تجاري لمنتج يصنّعه في شرق آسيا. أثبت المنتج فعاليته بعد أن تمت تجربتة في أكثر من مؤسسة سواءا حكومية أو خاصة أثناء حملة ترويجية مبسطة. صديقي هذا لا يملك المال الكثير، بل ما يزال وزملائه يتحملون أعباء هذا النشاط التجاري والتي أصبحت فوق طاقاتهم. سألته ماذا يريد بالتحديد؟ هل تريد مالا؟ فقال لا بل فرصة !! أثبت فيها بعد أن أجد زبونا دائم بحجم مؤسسة كبيرة لكي أستمر بعدها في التصنيع داخل السلطنة. وبعدها سنسوّق المنتج (الذي سيعتبر محلّي الصنع) للدول المجاورة ونصبح مصدرين. فسألته؛ وماذا كانت ردة الفعل بعد أن تمت تجربته من قبل تلك المؤسسات؟ تنهّد صاحبنا وقال: إن جميعهم أعجبوا بنتائج الإختبار على المنتج. فمنهم من وعدني أنه سيحاول إقناع إدارته بشراء المنتج ومنهم من أراد إستدراجي ليحظى هو بنصيب في الصفقه ولا أخفيك أني خشيت على جهودنا أن تضيع. لقد أصبحت أخاف رغم أني في دولة ديمقراطية ذات سيادة وقانون من أن أسلب هذا كله. فقلت له : ليس العيب في القوانين بل في من يطبق ما يرده منها وبدون ضمير.

فأين ما يدعى بدعم أصحاب الأفكار والمشاريع الصغيره الذي نسمع عنه؟ قال: إن بعض من قابلت من المسؤلين في تلك المؤسسات من إنبهر وصدم في نفس الوقت. فقلت: لماذا؟ فقال: إن منتجنا مميز فهو رخيص وفعال (سريع المفعول) وبذلك سيأخذ مكان ما يستخدمونه أو يستوردونه من الخارج في صفقات طويلة الأمد والتي تصنع في اوروبا أو غيرها بثمن باهض. فقلت: فهمت، وطبعا إذا حدث ذلك فإن أشياء أخرى ستختفي. نعم (قالها بملئ الفم) بل وحاول بعضهم أن يأخذ منه عمولات لإتمام الصفقة، ولأن صاحبنا يحمل ضميرا حيا (إلى الآن) لم يقبل تلك العروض. فقد همس لي أن رجل أعمال خليجي عرض عليه مبلغا ضخما في سبيل الإستغناء عن حقوق المنتج (الوكالة) فرفض. لماذا ترفض إذا كنت غير قادر على المتابعة في الإنتاج لعدم وجود المشتري، خاصة وأنك ستبدأ مشاريع جديدة بذلك المبلغ؟ فقال: وبعدين؟ المسألة عبارة عن مبدأ وهذا التاجر لم يكن ليعرض علي ما عرض إلا لقناعته بالكثير القادم.أنها فكرتي وهذا مشروعي ولدي إخوة شركاء وما نريده هو دعم معنوي أكثر منه مادي ليساهم في إبقاء مشروع عماني حي لكي نساهم بفعالية في دفع عجلة إقتصاد الوطن الذي ندين له بالكثير. كلام كبير سمعناه قرأناه ولكنه ليس في حيز التنفيذ فهل هي الواسطه؟ أحرام علينا الملايين وحلال للبعض؟  وما زال صاحبنا يكافح.

يجب أن أعترف (وأرجو ان لا يغضب مني صديقي العزيز)، أن صاحبنا يفتقر للأسلوب الإداري والتسويقي الأكاديمي لانه لم يكثف جهوده في تعلم تلك النظريات أو بالأحرى لم يستثمر وقتا لذلك. ولكني أعرفه جيدا فهو يملك نشاطا وحيوية كبيرين منذ صغره؛ قيادي بالفطرة واجتماعي على السليقة ومستعد لحفر الصخر. إذن فهو "طاقة معطلة". والأصل في القضية أن تتوحد الجهود مع إختلاف الأسباب. وكما قيل فالإختلاف لا يفسد للود قضية. أما ما يلاحظ عادة، فهو إستخدام كلمة "قوانين او بنود" كحجر عثرة أمام الأفكار الإبداعية.

إن بلادنا (ولله الحمد) تتمتع بخيرات كثيرة وقيادة حكيمة وأمن وأمان تبحث عنه دول كثيرة ولكنها في نفس الوقت بحاجة إلى كل طاقة وكل جهد وكل إمكانية مادية كانت أم معنوية عند كل فرد فيها. تحتاج بلادنا إلى استثمار هذا كله أحسن إستثمار، واستغلاله أفضل استغلال، فهناك طاقات كثيرة معطلة، وجهود مبعثرة، وإمكانات غير مستغلة، ولو وظف هذا كله كما خطط له لأصبح الحال غير الحال يقول رسولنا الكريم (ص) " كان الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه" ولمن يحب الأدب الغربي؛ يقول وليم شكسبير"لا يكفي أن تساعد الضعيف، بل ينبغي أن تدعمه".

بقي أن أقول لصاحبي أن هناك خياران. الأول هو أن تظل متمسكا بتلك الطاقة والمبادئ وترتب أوراقك وتسعى ليسعى الله معك. أما الخيار الثاني فهو بدل أن تحفر صخرك إبدأ بحفر قبرك.
ودمتم سالمين.

الأربعاء، 9 سبتمبر 2009

شهادات علمية للبيع !!

لقد وصلني أيميل من أحد الأصدقاء يتحدث عن حصول بعض الشباب على شهادات عليا مزورة من جامعات أمريكية. في الحقيقة، لم يكن ذلك يشكل أي نوع من الإندهاش بالنسبة لي، فهذه الممارسة واسعة جدا في العالم. ولكن ما يتفق عليه الكثيرون هو أن من يمارسها سواءا من يبيع أو من يشتري يشكل خطرا على مجتمعه.


فمن يبيع في الأصل لن يبيع إلا إذا كان له زبائن. ومن يشتري لن يشتري إلا إذا كان ناقصا. فلم هذا كله؟ لماذا تباع الشهادات؟ لماذا يشتريها البعض؟ لماذا يقع بعض الناس ضحايا لمثل هذا النوع من التجارة اللأخلاقية. وللأسف، لقد أصبحت ظاهرة.ا


نشرت سبوكسمان ريفيو (صحيفة أمريكية) أسماء لـ10 آلاف شخص في العالم قاموا بشراء شهادات علمية عليا مزورة من واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية من "متجر للشهادات". كان بينهم حوالي 180 شخصا من دول الخليج العربي. والغريب أن وزارة العدل الأمريكية بعد إكتشاف الأمر قامت بوضع أسماء هؤلاء الأشخاص في القائمة السوداء نظراً لمخالفتهم القانون. يجدر بالذكر أن قيمة هذه الشهادات (المزورة) تتفاوت قيمتها بحسب نوع الشهادة، وعلى سبيل المثال سعرت شهادة الدكتوراه بمبلغ وقدره 8000 دولار أمريكي.




كتبت باميلا بروجن ( خدمات جانيت للأخبار) أن 463 موظف فيدرالي على الأقل منهم 258 موظف في إدارات حكومية عليا، جميعهم حصلوا على شهادات مزورة. وبحسب مكتب الإعتماد الحكومي الفيدرالي (ذراع الكونغرس للتحقيقات – GAO) أن هؤلاء الموظفين لديهم الصلاحيات للحصول على أية معلومات في قاعدة بيانات لمؤسسات حساسة في الدولة. "يعني حاميها حراميها"!!


تقول السناتور الديمقراطي سوزان كولينز (عضو لجنة الشؤون الحكومية) " يشكل حاملوا الشهادات المزيفة خطرا جسيما وملموسا على المجتمع وسلامته". ولقد قامت السناتور بنشر التقرير الصادر من الـ GAO.




ربما يهرول العرب عموما والخليجيين بشكل خاص إلى هكذا فعل لأننا لم نعد أمة (إقرأ). فلقد تم إغراقنا في تفاهات الأمور وأصبح الحصول على شهادة ليس للعلم قط، بل لتعديل الوضع الوظيفي والذي يعني في نهاية الأمر رفع مستوى الدخل. وأترك لكم التفكير في أسباب ذلك؟



الغريب في الأمر أيضا أن الأمر لم يقتصر على الطلبة (أو بالأحرى الزبائن) الوافدين بل إحتوت القائمة القائمة على أسماء لمواطنين أمريكيين ممن يعملون في مؤسسات حكومية منها ما هو حساس كوكالة الإستخبارات الأمريكية وقوة الدفاع. حيث أوضحت بعض التقارير إنه ما يقارب من 300 موظف حكومي أمريكي كانوا ضمن القائمة، وربما كان هذا هو السبب وراء عدم نشر وزارة العدل للقائمة. وما أكثر الغرابة، فوزارة العدل في أمريكا شرعت في مقاضاة بعض الذين أشتروا الشهادات ولكنه لم يثبت ما إذا كانت الدعوى القضائية ستلاحق الخليجيين حسب ما ذكرت صحيفة سبوكسمان ريفيو.


الأمريكان دائما يبجثون عن عدو !! فهل هناك عدل في المقاضاة؟ ربما من وجهة النظرالأمريكية الثاقبة!! لماذا لا يتم محاسبة البائع قبل المشتري (الزبون)؟ أو ليس "الزبون دائما على حق" كما تقول نظريات المبيعات والتسويق الأمريكية الزائفة؟ أليست هي تجارة حرة في " أرض حرة" ؟ سنعرف الأسباب بعد أن نتعرف على هذه العملية عن قرب – (طواحين أو تزوير الشهادات - Diploma Mills).


ما هي عملية تزوير درجة علمية (شهادة)؟


في حقيقة الأمر هي تجارة تعتمد النصب والغش والخداع حيث ترويج لنفسها على أنها كلية أو جامعة شرعية ومرموقة. ويتم ذلك باستخدام أسرع الطرق على الإطلاق وهي الأنترنت. ونظرا لأن الدراسة عبر الأنترنت حديثة وغير مكشوفة التفاصيل بالنسبة للكثيرين، يستغل البعض جهل أو ربما سذاجة بعض الباحثين عن هكذا مشروع.

تقوم معظم المعاهد والجامعات عادة بتقييم مستواها بشكل دوري لإستحداث تخصصات جديدة تخدم سوق العمل. ويتم إستغلال هذا النوع من التطوير التعليمي فيقوم أصحاب هذه الممارسة عن طريق الأنترنت بإرسال إيميلات عشوائية أو ربط موقع الجامعة المزعومة بمواقع أخرى أو باستخدام تطبيقات معينة كصفحات الفرقعة (Pop-ups). وللأسف تساهم جوجل في جزء كبير من هذا التسويق كونها أكبر محرك بحث إلكتروني. كذلك يقوم هؤلاء المزوّرون بإصدار الشهادة بدون أي تقييم لمؤهلات المتقدمين وكفاءاتهم ومشروعاتهم العلمية. والنتيجة ببساطة هو جني المال فقط من طباعة مجموعة أوراق تطابق الشهادات المعتمدة بما فيها الـ (Transcripts). والأدهى من ذلك أنهم يزعمون أن الجامعة أو الكلية معترف بها من قبل إتحادات تعليمية معينة بعد أن قاموا بوضع تسمية لإتحادات إعتماد مزيفة ليست مدرجة في قائمة وزارة التعليم الأمريكية.


1- أفراد يبحثون فعلا عن برنامج أكاديمي حقيقي و لا يعلمون أنهم وقعوا ضحايا.
2- أفراد يعلمون جيدا أنهم مقبلون على المشاركة في عملية تزوير وذلك لتفادي دفع مبالغ أضخم وعدد سنوات دراسة أطول من أن يصبروا عليها لأسباب أكاديمية كانت أم وظيفية.


يوجد نوعين من الزبائن لهذه الممارسات الغير مشروعة:
وللأسف أن عالم الأنترنت (هذا الإختراع الإنساني المفيد) بات مكانا للخداع والتزوير. فمن السهل أن يحصل الشخص على مجال (.edu) ليبني موقعا جميلا لجامعة أو كلية مع وجود عنوان وهمي ورقم تلفون وفاكس وطابعة ملونة للإيقاع بالضحايا. لقد قام الدكتور جون بير(الخبير في الدراسة عن بعد) بإصدار كتاب "المرشد : الحصول على شهادة غير تقليدية". إحتوى الكتاب على ذكر 481 كلية أو جامعة أطلق عليها تسمية "جامعات تليفونية!!"


هناك نوعان من الشهادات المزورة:

1- نوع ذو جودة ولكن ليست عالية. يحتوى البرنامج على دورات ليس لها أساس بل مغلوطة وزائفة
2- نوع يبيع نسخة من الشهادة وعليها إسم المنتسب (المشتري) فقط.



يذكر أن مدرب البيسبول والرياضي براين مكنامي حصل على شهادة دكتوراه مزورة من جامعة كولومبوس . تم الكشف عن أن هذه الجامعة مزيفة وبدأت تعمل من أكثر من ولاية في أمريكا مثل : لويزيانا و ميسيسيبي والاباما حسب تصريح لموقع eLearners.com.

كيف تعرف إذا كانت الكلية أو الجامعة زائفة؟



عادة ما يختار هؤلاء لجامعتهم المزعزمة إسم قريب أو مماثل لإسم جامعة أو كلية معروفة، وينسبونها لاتحاد إعتماد زائف أيضا، وبعضهم لا يعبأ بذلك. والمتتبع، يجد أن هذه المؤسسات الوهمية تغيرعناوينها بشكل دائم وأحيانا ينتقلون من ولاية إلى أخرى كما سبق ذكره. وعندما يتقدم إليهم شخص باستفسار عن طريق الإيميل، يقومون بإرسال رزمة أو طرد له/لها فور ملئ إستمارة التقدم في الموقع. تتضمن هذه الرزمة قائمة بالبرامج والشهادات بتفاصيل مزعومة. ومن ينتبه، يجد أن هناك أخطاء في الإملاء والقواعد النحوية لا تتناسب مع مستوى أكاديمي، ناهيك عن السرعة الفائقة والشجاعة التي يعدون بها الزبائن في إيصال الشهادة ( مثال- سارع للحصول على درجة الماجستيرخلال 27 يوم، إتصل الآن).

الحد من هذه الظاهرة


لسوء الحظ، أن تسارع إنتشار هذه الظاهرة أحيانا أوسع من عمليات تتبعها للحد منها. تتمتع هذه الجامعات بتطور هائل في أساليب الإحتيال عن طيرق الأنترنت وغيره. وتتمركز في الولايات التي تغيب فيها الصرامة فيما يتعلق باعتماد الجامعات. بل يتم صبغها بالصبغة الدينية لا لتكتسب شرعية وحسب، بل لوجود تلك الضمانات الدستورية، حيث أن الدستور الأمريكي يفصل بين الكنيسة والدولة. ولذلك تتردد الدولة في تمرير أي قوانين تحد من أنشطة الكنائس ، بما في ذلك الحق في منح درجات علمية. وعلى هذا الأساس تقوم هذه الجامعات المزيفة بالإستفادة من هذا التردد المبرر!!


ولمزيد من حماية هذه التجارة الغير مشروعة والإستفادة من هشاشة بعض القوانين، تقوم هذه الجامعات ببيع زيفها خارج هذه الولاية أو الدولة في بعض الأحيان. وللأسف أنه يصعب إثبات هذا النوع من الإحتيال في بعض الحالات حيت يقوم القائمون على مثل هذه المؤسسات بتحصين تجارتهم بأن يكونوا صريحين في تجارتهم وتعاملاتهم، حيث يكون الزبون على دراية تامة بما يحدث وأنه سيحصل على شهادة دون الخضوع لبرامج دراسية، وهذا يحصرجدال أي قضية ضد هذه المؤسسات ليكون في إطار تجاري محض وليس أخلاقي.


أن يدّعي شخص أن لديه درجة علمية من دون إكمال برنامج درجة معتمد أو شراء شهادة مزورة لأمر بالغ الخطورة على الشخص المشتري وكذلك على المؤسسة التي توظّف أشخاص كهؤلاء. بل يمكن أن يعتبر جنحة أو جريمة.


كيف نحمي أنفسنا من هذه الظاهرة؟

إذا كنت راغبا في الإلتحاق في برنامج دراسي للحصول على درجة علمية أيا كانت هذه الدرجة (بكالوريوس، ماجستير أو دكتوراه) عن طريق التعلم عن بعد أو عبر الإنترنت، فعليك كطالب عمل التالي على سبيل المثال لا الحصر:


1- من المهم أن تبحث جيدا عن جامعة معتمدة.
2- إذا كان لديك أدنى شك في البرنامج المطروح فتأكد ما إذا كانت هذه المؤسسة التعليمية مدرجة في قائمة الإعتماد.
3- تأكد أن المؤسسة التعليمية تطرح المستوى العلمي والأكاديمي المطلوب من التدريس والتدريب.
4- لا تحصر بحثك في الإعلانات المبوبة والمسح الشبكي فقط. فكر على أساس معرفي.
5- إسأل عن نوعية البرامج والمدرسين وغيرها الخطوات الأساسية.

تقوم وزارات التعليم العالي في بعض الدول بتقنين هذه العملية، حيث تكون هناك لجان خاصة باعتماد المؤسسات التعليمية بعد تقييم مستوياتها وبرامجها التعليمية والتدريبية من خلال قائمة الإعتمادات الدولية وبذلك تكفي الطالب مهمة البحث.


كيف تباع الشهادات المزورة؟

من الصعب أحيانا كشف هذه المؤسسات التعليمية الزائفة. فمواقعها على الانترنت تحتوي على صور ذات المناظر الخلابة في الحرم الجامعي ، وتصف خبرات طاقم التدريس بحذر. وللوهلة الأولى تبدو كأنها مؤسسة أكاديمية معتمدة وحقيقية.


كثيرا ما تصلنا رسائل بريد إلكتروني ( مثال 1 ، مثال 2) تروّج للحصول على مثل هذه الشهادات والغريب، أنهم في رسائلهم يذكرون فقط إسم الدولة التي ستحصل منها على الدرجة. كأن يقولوا مثلا " إحصل على درجة الماجستير من جامعة مرموقة في بريطانيا أو أمريكا أو نيوزيلاندا أوأستراليا أوغيرها، معتمدا على خبراتك الحياتية ومعرفتك الوظيفية السابقة". ولا تتضمن الرسائل إسم الكلية أو الجامعة بل موقع إلكتروني وسلسلة من أرقام الهواتف.


ومثال على ذلك ما قام به أحد المهتمين بهذا الشأن، جو ديوسي. لقد ملأ جو ديوسي إستمارة الطلب في الموقع الأنترنت الخاص بالمؤسسة وطلب درجة الماجستير باسم كلبه (أجلكم الله) الذي يسكن عنده في البيت واختار تخصص الطب البيطري. دفع صاحبنا مبلغا وقدره 479 دولارأمريكي وبعد أسبوع تسلم شهادته. المضحك أن العنوان التي وصلت منه الرزمة أو الطرد كان مدينة دبي (الإمارات العربيه المتحدة)!! أنقر هنا لمشاهدة الفيديو (على يمين الموقع).


ما أهمية الإعتماد؟
إن الهدف من الإعتماد هو "التأكد من أن التعليم الذي تقدمه مؤسسات التعليم العالي يوازي المستويات المقبولة للجودة"، وهذا ما تنص عليه قوانين وزارات التعليم العالي إجمالا وليس وزارة التعليم الأمريكية فقط.



وختاما،،  اللي عقله في راسه، يعرف خلاصه،، ودمتم سالمين.

الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

أعـــداء التنميـــة

أحببت أن أعرض مقالا بقلم - الأستاذ: سعيد بن سلطان الهاشمي. تم نشر الموضوع بصحيفة الشبيبة العمانية، بتاريخ 7 سبتمبر 2009 في صفحة مقالات.. شكرا لك يا أبا سلطان.


"إن الفقر والجهل والمرض هي أعداء التنمية الحقيقيون، في المقابل يقف الرفاه والعلم والصحة كعدة للتنمية وعتادها الصلب، هذه العدة ذاتها هي العوامل المؤدية إلى الديمقراطية: فالمجتمع المتعلم تعليماً جيداً، والمعافى عافية طيبة في جسده وعقله، والمطمئن على لقمة عيشه، لن يرضى بالاستبداد نظاماً لحكمه، بل إن التاريخ الإنساني يخبرنا عن أمم لم تناضل لحكم عادل إلا بعد أن استنارت عقولها، وسلمت أبدانها من الأمراض القاتلة، ووظفت الوفرة المالية التي جنتها في سبيل حريتها، وبناء مجدها، وأوروبا في عصر النهضة مثال على ذلك. والولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة ما بعد تحررها من الاستعمار البريطاني وسيطرته نموذج آخر يدعم قولنا في هذا الاتجاه.

إذن كيفما قلبت التنمية والديمقراطية – في اعتقادي - فكل منهما يؤدي للآخر، وكلاهما ضامن موضوعي لظهور الآخر؛ إذا ما توفرت الأسباب الكاملة وغير المنقوصة لكل واحد منهما. لذا يمكننا القول أنه وإذا ما أدركت الإدارة السياسية شمولية هذا الهدف فإنها لن تقف حجر عثرة في طريق مصلحة شعبها الذي يتقدم ويزدهر بالاثنين. بل إن دوام الأنظمة السياسية مرهون بمقدرتها على قراءة تطلعات شعوبها، وليس قمع آماله، وتوسيع خيارات معيشته لا بتضييق فرصهم وبيع مواردهم لفئة محدودة منهم.

إن دوام واستقرار المجتمعات مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمقدار الثقة القائمة بين مؤسسة الحكم والمحكومين، وهذه الثقة لا تأتي بسهولة؛ إذ أن البشر بطبيعتهم تتقدمهم شكوكهم ومخاوفهم، في غالب الأمر تجاه من يتولى قيادتهم وإدارة دفة حياتهم. عليه فإن المؤسسات المستقلة والمنفصلة والمُراقِبة لبعضها البعض جاءت كصيغة تعاقدية بين قاعدة هرم السلطة وقمته بعد صراعات مريرة، وتجارب صعبة.

هذه الصيغة كفلت حقوق الطرفين، فبات كل طرف يعرف حدوده ومنتهاه، من ذلك فإن التنمية الاقتصادية حتى وإن دفع الشعب ثمناً باهظاً لها في ظل دولة المؤسسات والقانون؛ هي أولاً خياره الذي فوض ممثليه بإجازته وتبنيه، ثم إنه مطمئن على أن العوائد والفوائد من تلك التنمية سيكون مآلها في خزائنه الوطنية، بفضل مؤسسات الرقابة والمحاسبة التي وضع ثقته فيها. في النموذج الآخر المقابل نلاحظ أن هذه الثقة مهزوزة (إن وجدت) لأن الناس مغيبة دائماً عن مفاهيم الشراكة والاختيار، وبالتالي من أين لهم أن يثقوا في أناس لا يعرفونهم ولا يعلمون ماضيهم أو جدارتهم بإدارتهم. كما أن الأمر لم يقف عند حد فرضهم دون أن يملك الناس حق محاسبتهم على أخطائهم، وإنما علاوة على ذلك يُطالب الناس بكيل الثناء والشكر على أفعالهم، والتقدير العالي لتصرفاتهم، التي لا تصنف كخدمات واجبة عليهم و مستحقة للناس. بل أفضال كبرى قدمتها هذه الفئة لعموم الناس تستحق المنّة والتذكير المذل دائما.

في بنية كهذا لا أعتقد أن التنمية الاقتصادية يمكنها أن تحقق الهدف المنشود منها، بل على النقيض تماماً ستثير عموم الناس، وتؤلب قلوبهم على الساسة المنتفعين، وعلى أهل الإدارة المعزولين، وستنشأ طبقة طفيلية بين القلة التي في قمة الهرم، والكثرة التي في قاعدته؛ ستقطع هذه الطبقة أي محاولة بسيطة للتفاعل الإيجابي في سبيل تصحيح المسار. عندئذ سيصرف الوطن من قدراته أعوامه الكثير في معالجة الآثار الجانبية التي ولدها فهم قاصر للتنمية، نابع من إدراك شخصي َقُصَر المنافع على دائرة ضيقة بنى أفرادها منظورهم على قناعات متصلبة، ومكّنوا من تعميمها كسياسات عامة دفعت أثمانها أجيال تستحق الأفضل".