الطير المهاجر باللغة الإنجليزية، قريبا

_________________

السبت، 29 أغسطس 2009

بين السطور - عجيب أمرها !!



بين السطور، عمود يومي في جريدة أخبار الخليج البحرينية. يكتبه يوميا الأستاذ صلاح فؤاد عبيد. أتابع هذا الفاضل منذ فترة فهويجذب إنتباه الكثيرين من القراء بسهولة، وسلاسة ليس لأنه يجيد فن التعامل مع المواضيع المجتمعية فحسب، بل لأنه أخذ على عاتقه هم الوطن. فهو قادر على أن ينقد بوضوح متى ما كان للنقد مكان ويطرح الشكر في وقته بامتنان. وهنا في هذا الفضاء، أحببت أن أطرح مقالا يستحق الوقوف عنده، ليس فقط لجمال منطقه بل لانه يمسنا جميعا وصيغة الجمع هنا تشمل دول مجلس التعاون الخليجي. نشرهذا المقال في صحيفة أخبار الخليج الصادرة بتاريخ 27 أغسطس 2009 - العدد 11479

عجيب أمر هذه المملكة.. يتحدث مسئولوها عن التنمية البشرية، ويفاخرون بحصول البحرين على مراكز متقدمة فيها، ويقولون عن الإنسان البحريني أنه أهم ثروات هذا الوطن، ثم يشترون الإنجازات الرياضية بالأموال عن طريق البدعة المسماة (التجنيس الرياضي) لتسجل تلك البطولات (المستوردة) و(المدفوعة الأجر) باسم شباب البحرين في سجلات الإنجازات الرياضية لشعوب العالم، بينما الرياضيون البحرينيون محرومون من أبسط مقومات صنع الأبطال والبطولات!

عجيب أمر هذه المملكة.. يتحدث المسئولون فيها عن شح الأراضي وعدم وجود مساحات كافية لإنشاء بيوت إسكانية للمواطنين، ثم يفتحون الباب أمام الخليجيين والأجانب لتملك الأراضي والعقارات بكل حرية، ولإنشاء أبراج وعمارات في طول البلاد وعرضها ومن ثم بيعها على الخليجيين والأجانب، فترتفع بذلك أسعار الأراضي والعقارات ويصبح من المستحيل على المواطن البحريني المحدود الدخل - وهي الشريحة الأعظم بين سكان البحرين - شراء أرض أو حتى شقة سكنية في بلاده!

عجيب أمر هذه المملكة.. يتحدث المسئولون فيها عن ارتفاع معدلات التلوث في أجواء البلاد وبيئاتها البرية والبحرية، وعن وجوب خفض تلك المعدلات، بينما واحد من أهم وسائل ذلك الخفض متاح أمامهم بكل سهولة، ممثلا في تحويل سائر السيارات والشاحنات والحافلات للعمل بالغاز الطبيعي، لكنهم مازالوا يتجاهلون هذا الحل المثالي بيئيا والأوفر اقتصاديا!

عجيب أمر هذه المملكة.. يتحدث المسئولون فيها عن عجز الميزانية وعدم وجود فوائض مالية تكفي لإنجاز مشاريع إسكانية لإيواء المواطنين الصابرين على البأساء والضراء منذ أكثر من 17 عاما، بينما تسارع الدولة إلى إنشاء أنصبة تذكارية وبوابات للمدن بملايين الدنانير، وتخصص أكثر من 62 مليون دينار لإنشاء مبنى جديد لمجلسي الشورى والنواب، على الرغم من عدم وجود عيوب جوهرية في مبنى المجلس الحالي!

عجيب أمر هذه المملكة.. تسطع فوق رؤوس مسئوليها شمس حارقة طوال أكثر من ثلاثة أرباع السنة، وبدرجات حرارة قادرة على غلي الإسفلت تحت أقدامهم، تكفي لتوليد طاقة كهربائية تفيض عن حاجات البلاد وسكانها، لكنهم يتجاهلونها تماما ويحثون الخطى نحو إنشاء مفاعل نووي لتوليد الطاقة يتكلف مئات المليارات من الدولارات، ويضع مصائرنا في أيدي الدول المنتجة للمواد المشعة، ويتسبب في تلويث البلاد والعباد بالإشعاعات والنفايات النووية التي لا علاج لها!

عجيب أمر هذه المملكة.. يبتكر العديد من أبنائها اختراعات عملية ومفيدة، ويعرضونها في المعارض التي يفتتحها الوزراء وكبار المسئولين الذين يشاهدونها بانبهار ويشجعون مبتكريها على الاستمرار في هذا النهج الرائع، لكنهم بمجرد الخروج من تلك المعارض ينسون ما شاهدوه وكأنه لم يكن!.. ثم يستنكرون هجرة العقول العربية من بلدانها!

ليست هناك تعليقات: